كيف تمت مبايعة عثمان بن عفان رضي الله عنه

بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم وإكمال رسالته وأداء الأمانة التي وُكل بها أمته، فقد بدأ التاريخ الإسلامي الحقبة الجديدة بمفردات وأبعاد متعددة، وتم فرضها من قبل الجانب السياسي على المشهد في المجتمع الإسلامي، نتيجة الاختلاط واتباع ثقافات وأفكار مجتمعات مختلفة، ومبايعة عثمان بن عفان رضي الله عنه كانت بداية انتخاب جديدة للخليفة.
طريقة انتخاب الخليفة الجديد
عند احتضار الفاروق رضي الله عنه كان مهتم بوجود الأمة ومستقبلها حتى اللحظات الأخيرة من حياته، وتمكن من ابتكار طريقة جديدة لم يسبق إليها في اختيار الخليفة، وهذا دليل ملموسًا على فقهه في سياسة الدولة الإسلامية، لقد مضى من قبله الرسول صلى الله عليه وسلم ولم يستخلف بعده أحدًا بنص صريح، ومضى أبوبكر واستخلف الفاروق.
قد فكر عمر بن الخطاب رضي الله عنه كثيرًا وقرر أن يسلك مسلك آخر يتناسب مع المقام، يعتمد على الشورى في عدد محصور وهم ستة من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكلهم يصلحون لتولي الأمر.
حدد لهم طريقة الانتخاب، ومدته وعدد الأصوات الكافية لانتخاب الخليفة، وحدد الحكم في المجلس، والتصرف عند تعادل الأصوات، وعقاب من يخالف أمر الجماعة، ومنع الفوضى حيث لا يتدخل أحد أو يسمع ما يدور في مجلس أهل الحل والعقد.
العدد الّذي حدده للشُّورى، وأسماؤهم
العدد ستة وهم عليُّ بن أبي طالبٍ، وعثمان بن عفَّان، وعبد الرَّحمن بن عوف، وسعد بن أبي وقَّاص، والزُّبير بن العوَّام، وطلحة بن عبيد الله رضي الله عنهم جميعاً، وأمرهم أن يجتمعوا في بيت أحدهم ويتشاروا، وفيهم عبد الله بن عمر يحضر معهم مشيرًا فقط.
صهيب الرومي يصلي بالناس أثناء التشاور ، وقال له رضي الله عنه: أنت أمير الصَّلاة في هذه الأيام الثَّلاثة، حتى لا يتولى إمامة الصلاة أحد من الستة، فيكون هذا ترشيحًا من عمر له بالخلافة، وأمر المقداد بن الأسود، وأبا طلحة الأنصاريَّ أن يرقبا سير الانتخابات.
منهج عبد الرحمن بن عوف في إدارة الشُّورى
بعد أن انتهى الناس من دفن عمر بن الخطَّاب رضي الله حتى أسرعوا في رهط الشورى وأعضاء مجلس الدولة الأعلى إلى الاجتماع في بيت عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها وقيل : إنَّهم اجتمعوا في بيت فاطمة بنت قيس الفهريَّة أختِ الضَّحاك ابن قيس ؛ ليقضوا في أعظم قضيَّةٍ عرضت في حياة المسلمين ـ بعد وفاة عمر ـ وقد تكلَّم القوم، وبسطوا آراءهم، واهتدوا بتوفيق الله إلى كلمةٍ سواء، رضيها الخاصَّة، والكافَّة من المسلمين.
عند اجتمع أهل الشورى قال لهم عبد الرحمن بن عوف: اجعلوا أمركم إلى ثلاثة منكم، فقال الزُّبير : جعلت أمري إلى عليٍّ، وقال طلحة : جعلت أمري إلى عثمان، وقال سعد : جعلت أمري إلى عبد الرَّحمن بن عوف
كانت نتيجة مشاورات عبد الرحمن بن عوف أن معظم المسلمين كانوا يشيرون بعثمان بن عفَّان، ومنهم من كان يشير بعليِّ بن أبي طالب رضي الله عنهما.
الاتفاق على بيعة عثمان
الاتفاق على بيعة عثمان وكان صهيب الرومي الإمام، حيث أقبل عبد الرحمن بن عوف، واعتم بالعمامة التي عممه بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، واجتماع رجال الشورى عند المنبر.
أرسل إلى من كان حاضراً من المهاجرين، والأنصار، وأمراء الأجناد، منهم : معاوية أمير الشَّام، وعمير بن سعد أمير حمص، وعمرو بن العاص أمير مصر، وكانوا وافوا تلك الحجة مع عمر، وصاحبوه إلى المدينة.
تمت البيعة لعثمان بن عفان رضي الله عنه، عن شورى المسلمين صغيرهم وكبيرهم، ويتوافق وتراض منهم بالطريقة التي حددها عمر رضي الله عنه، وتولية أمر المسلمين تم بشكل مشروع لا شبهة فيه.